التدريب على التحكم في العواطف
تتأثر شخصية المستثمر في البورصة بالعديد من العوامل المختلفة والتي تؤثر في قراراته أثناء التداول مما يدفعه إلى اتخاذ قرارات صائبة إذا كانت هذه العوامل إيجابية أو قرارات خاطئة في حالة العكس مما يسبب له حدوث الخسائر، ومن أهم هذه العوامل التي يجب التركيز عليها لما لها من آثار قوية على شخصية المستثمر وتؤثر في اتخاذه القرارات الاستثمارية هي عواطفه ومشاعره، فعندما تكون هناك عمليات تتعلق بالمال نجد أن الصراع يكون بين العاطفة والعقل، وتتنازع العاطفتان، ونجد هناك ردود أفعال غير منطقية وبسرعة شديدة لا يحكمها أي قواعد موضوعة أو إستراتيجية محددة وإنما يحكمها فقط العاطفة تجاه المال والثروة، فنجد بعض المستثمرين يجدون صعوبة بالغة فى التمسك بالمنطق فى تصرفاتهم وقراراتهم حتى أنهم يكررون الخطأ الواحد عدة مرات ومهما تكررت الظروف يعاودن تكرار الخطأ بدون تفكير أو تعلم. فهم هنا تحكمهم عواطفهم، تلك العواطف التي تكون بمثابة رد فعل لأفكار تجول وتترد بقوة في أعماق المستثمر حول فكرة واحدة هي الربح، ولهذا فإننا نقول عنها شعور، حيث أننا نشعر بهذه العاطفة لتثير الأفكار فينتج عنها رد فعل تجاه أي عملية تداول. والعواطف تستجيب للأفكار، والأفكار تتأثر بالعواطف محدثة ردود الأفعال.
ولأن هناك من المستثمرين من يعتاد على عملية المضاربة في البورصة لدرجة الإدمان، فمن الضروري على المستثمر أن يتعرف على العواطف التي يتعرض لها وإزاحتها بعيداً عن طريقه بحيث تساعده بدقة في توظيف المعلومة التي يحصل عليها من الأسواق بشكل صحيح. ولهذا، فالإستراتيجية الناجحة للمستثمر هي التي لا تعتمد على العواطف، لان السلوكيات والإدراك الحسي يمكن أن ينحرف ويؤدي إلى نتائج عكسية، وبالتالي ينحرف المستثمر عن هدفه الرئيسي. ونجد أن العواطف تجد طريقها أيضا للمستثمر من خلال الاعتماد على الأخبار اليومية والأداء أو حتى من خلال الإعلانات التجارية.
فالعاطفة عبارة عن مجموعة منظمة من الانفعالات حول معنى قرار ما وبالتالي فان لها أثراً كبيراً في توجيه السلوك. وقد أجريت العديد من الدراسات عن أثر الحالة النفسية على المستثمر في الأسواق المالية في الولايات المتحدة وأوروبا وشرق أسيا، ودراسة سيكولوجية المستثمرين في البورصة وذلك عقب عدة انهيارات ضربت البورصة في أنحاء متفرقة من العالم، وكانت مؤشراً لدور العامل النفسي في توجيه الأسواق والمستثمرين. وقد وجد أن هناك عدد كبير من المستثمرين في جميع أنحاء العالم يتخذون قرارات مالية بدافع العواطف بدلاً من الاعتماد على صناعة قرار مالي منطقي. وهذه كانت أهم المعطيات الرئيسية لأحد التقارير الهامة التي صدرت من مؤسسة سيتي بنك تحت عنوان( العواطف وراء الاستثمار- دراسة لسيكولوجية المستثمر الآسيوي ) في كل من هونج كونج وسنغافورة وتايوان ويقوم التقرير بالكشف عن طبيعة السلوك الاستثماري ويوضح كيف يبدو الآسيويون في ثقة زائدة ويكرهون الخسارة بدرجة كبيرة ويسمحون للخوف من الندم بالتأثير على قراراتهم الاستثمارية، وقد قام بهذه الدراسة البروفيسورAnil Gaba أستاذ علوم القرار إلى جانب اثنين من زملائه وهماPierre Hillion أستاذ المالية و Klaus wertenbroch أستاذ التسويق المساعد.
كما استطاع الأطباء إثبات تلك الحقيقة حينما قام مجموعة من الباحثين من جامعات ستانفورد و"كارينج ميلون ولوا" بتحليل قرارات الاستثمار التي يتخذها الأفراد الذين يفتقدون الشعور بعواطفهم نتيجة وجود تلفيات في المخ. ووجدوا أن هناك أنواعاً معينة من البشر لديهم إصابات بالمخ قد حققوا أرباحاً في الاستثمار مقارنة بالأشخاص الطبيعيين، وقد نشرت هذه الدراسة في عدد شهر يونيو من عام 2005م من مجلة العلوم السلوكية.
وقد أطلق على العواطف اسم ( المضارب الخفي ) فهي التي تتحكم في قرارات المستثمر لاسيما وإن فقد المستثمر السيطرة عليها ولم يلتزم بخطته الاستثمارية التي تبناها في إدارة أمواله. ويمكن لأي مستثمر أن يتجنب أضرار العواطف – كما سنرى تفصيلياً لاحقاً - إذا ما استطاع ضبط نفسه والسيطرة على عواطفه ومشاعره واتخذ قدراً مناسباً من المخاطرة التي تحدثنا عنها سابقاً. وفي البورصة تكمن أهمية القرارات في نجاح الصفقات وفشلها فيما إذا كان القرار الذي يتخذه المستثمر صائباً نجح في صفته وإذا فشل –لا قدر الله - تعرض للخسارة ومن هذا المنطلق يتعين على المستثمر التحكم في عواطفه والتريث في اتخاذ قراراته وأن يأخذ في اعتباره أن عالم البورصة لا يعترف بالأخطاء ولن يقبل عدولك عن القرار أو تعديله.
وتعتبر مستويات الدعم والمقاومة من بين القياسات الأساسية لعاطفة السوق. فإذا تم تجاوز حاجز المقاومة، فسوف يكون هناك مضاربون على الصعود في السوق في ذلك الوقت أكثر من المضاربين على الهبوط. وإذا حدث ارتداد، فإننا نعرف أن المضاربين على الهبوط تغلبوا على المضاربين على الصعود. وبالمثل إذا استمر أحد مستويات الدعم، فإننا نعرف أن أي هبوط في السعر كان في أغلب الاحتمال ناتجاً عن جني دوري للأرباح. ومن ناحية أخرى، إذا تم تخطيه، فإننا نعرف أن لدينا بائعين على المكشوف يدخلون السوق إلى جانب أصحاب مراكز دائنة يغلقون مراكزهم.
وقد أكد لي " مارتن برينج " عندما سألته في زيارته للقاهرة أكتوبر 2010م حول أهم المؤشرات التي يعتمد عليها في تحليليه فأجابني " مؤشر القوة الدافعة Momentumمن أهم المؤشرات التي أفضلها لأنها بين المؤشرات الأخرى التي ترشدني على أن الحالة النفسية والمزاجية في السوق قد تبدأ في التغير" . فقد يشير هبوط متابعة التحركات غالباً إلى هبوط في الحماس وزيادة احتمالية حدوث انعكاس وشيك. ويمكن أن تعطينا مؤشرات إتباع الاتجاه والتذبذب بعض المفاتيح والرؤى في هذا الصدد، وخصوصاً حيث يبدأ التباعد في الظهور على الشارت. وأخيرًا، يوجد الحجم Volume حيث يزداد الحجم بشكل نموذجي أثناء إسراع الاتجاهات في أي من الاتجاهين. وإذا بدأ الحجم في الهبوط المفاجئ، فقد يشير ذلك إلى انتهاء وشيك للاتجاه موضع الحديث أو على الأقل إلى بعض أوقات الاضطراب المستقبلية.
والعاطفة التى تقود أغلب المستثمرين دائماً هى الخوف من فقدان المال ويتلوها الطمع والرغبة العارمة فى تحقيق مكاسب عالية سريعة وكل من هذه العواطف تحجب قرارك وتقييمك الصحيح للموقف، وتمنعك من التفكير الصحيح فى تأثير قرار الشراء أو البيع على حالة محفظتك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق