الاثنين، 9 يناير 2012

كيف يلقي المصري كل هذا العذاب .. ولا يقول كلمة آه ...

محمد عبدالوهاب قال‏:‏ تظلمني برضه أحبك‏..‏ تلاوعني برضه أحبك‏!‏ أحبك وهو يقصد المحبوب وهو ذليل أمام الحب‏..‏ وفي الوقت نفسه يجد لذة في العذاب والهوان ويدعونا إلي ذلك‏!‏
وأم كلثوم علي لسان أحمد رامي قالت كثيرا هذا المعني: عزة جمالك فين من غير دليل يهواك.. أي يجب ان يكون المحبوب عزيزا عاليا شامخا ويزودها شويتين.. أما العاشق فهو الذليل.. فلا عزة لجمال المحبوب اذا لم يجد عاشقا ذليلا!
والعاشق ذليل وسعيد بهذا الهوان ويطلب منا أن نفعل مثله.. ولم نأخذ هذه المعاني مآخذ الجد, ولكننا كررناها ورددناها لجمال الصوت والموسيقي.. ولم ننتبه إلي سريان هذه المعاني في دمائنا.. كأننا نحن المصريين في أزمة هوان!
ولم يكن عمرو بن العاص في حاجة إلي أن يعايشنا طويلا لكي يعرف طبيعتنا, وإنما أدرك ذلك بفطرته البدوية.. عندما قارن بين البدوي الذي ظل يبحث عن العشب ولايتوقف وإلا مات هو وقطعان الأغنام والابل.. قال عمرو بن العاص في خطاب إلي الخليفة عمر بن الخطاب أنهم يبذرون الحب وينتظرون الثمار من الرب!
أي انهم يزرعون وينتظرون ولايفعلون أكثر من الانتظار, ويكون الانتظار طويلا وقد فرض عليهم القهر ان تنكسر ظهورهم علي الأرض ويمضوا في صمت وقد ألجأهم الصمت إلي قبول الظلم, وعلمهم الصبر ان كل الذين قهروهم من الشعوب التي احتلت مصر سوف يذهبون أو يموتون.. ان مصر مقبرة الغزاة أي أن الطغاة اذا جاءوا ذهبوا.. فلا بقاء لهم في مصر.. قد يحكمونها مئات السنين ولكن لابد ان يذهبوا.. ولذلك فالمصريون لايتعجلون خروج الطغاة ولايتعجلون نهايتهم.. لأن النهاية معروفة لهم.. وقد حدث كثيرا, خرجوا وبقي المصريون علي أرضهم.. بذورا يغرسها القهر وينميها الظلم ويطيل عمرها الصبر!
كيف يلقي المصري كل هذا العذاب ولايقول كلمة: آه.. مع ان كلمة آه تدل علي انه علي قيد الحياة.. ثم كيف يسبب القهر الطويل والظلم اللانهائي ألا يبالي بما يحدث حوله.. كأنه يتفرج علي أناس في بلاد أخري.
كيف استطاع المصري ان يغني ويقول: يامن يجيب لي حبيبي


بقلم .. أنيس منصور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق